الخبر من زاوية أخرى

عودة الحمامة وانشراح صدر سعد الدين

Avatarحميد الدكالي


قيل إن أسارير رئيس الحكومة سعد الدين العثماني قد انفرجت، وهو يرى وزراء التجمع الوطني للأحرار، وقد عادوا سربا واحدا للالتحاق بالمجلس الحكومي، الذي انعقد اليوم الخميس، حتى أنه بارك لهم "سلامة العودة".

لقد انشرح صدر الدكتور، بعد أن كانت تناهبته الشكوك، حول مصير حكومته الناجية من طوفان أول، فهل كان سيغرقها مد بحري ثان؟

ومن حق الدكتور أن ينشرح. فمن يعيد مشاهدة شريط فيديو كلمة السيد بنكيران في مؤتمر الشبيبة، لا بد يكون توقّع  أبعد من هذا وأكثر.

 ولكن يبدو أن السيد أخنوش كان سموحا مع ابن بلدته. وهو سموح معه حقا وصدقا، وليّن.

ألم يكن كذلك مع بنكيران، الذي "فدعها" ذات مرة، حين لم تسعفه البلاغة وخفة الدم في التعبير عن كياسة إخوتنا الأمازيغ في الإنفاق، وقال بفجاجة ما معناه "ومالو، بشحال كيعيش الشلح؟.. وفهم الأمر على أنه تجريح عقّد العقدة، وزاد طينها بللا.

ولكن عودة سرب الحمامة إلى "السراي الحكومي"، اليوم، لا يجب أن يخفي ثلاثة عناوين رئيسية للمرحلة، ستهيمن على روح هذه الحكومة.

أولها: أن المحاولة التي جرت من أجل إفهام بنكيران بضرورة التزام الصمت، والنأي عن المجال السياسي لم تؤت أكلها.

 فقد كان مجرد خروج بنكيران في نشاط حزبي داخلي كافيا كي يهدد التماسك الحكومي.

 فماذا لو تحرك الرجل خارج أسوار الحزب، يمنة وشمالا؟ وماذا لو انطلق في الآفاق المحلية والعربية، مغردا على سجيته، في مراكز أبحاث ودراسات ومنظمات مدنية وحقوقية وجمعيات، ومناسبات وأعراس ومآتم؟..

 أكيد أن بنكيران سيعيد المشهد إلى صورته الأولى والسياسة إلى صراعها المدوي القاصم للنفوس والحكومات والتحالفات والمتعب للجهات، ما بطن منها وما ظهر.

العنوان الثاني: لن يكون بمقدور رئيس الحكومة الدكتور سعد الدين، فرض صيغته في تدبير أغلبيته، ما لم يتلق تعهدا صريحا من بنكيران بالخلود إلى الصمت.

 ولكن هل يستطيع سياسي مثل زعيم العدالة والتنمية أن يقدم على إقامة هذا "الحدّ" على نفسه، ويضع سوارا من حديد على فمه، هو الذي لا يستطيع بين زفير وشهيق أن ينسى ما جُرّد منه، بقسوة بالغة، خلفت تلك الندوب السياسية والنفسية التي لا يمكن محوها، ولو بالتقادم، أو بالرحيل إلى القبر؟.

وأما العنوان الثالث، فيُختزل، في المترتبات التي تترتب عن وضعية حكومية مثل هذه، يوجدها ربانها الحقيقي في "الأسر" الرمزي، بينما يحاول إخوته إنكار واقع سياسي واضح للعيان، ويكتفون بشم "قميص يوسف" لعل بصرهم وبصيرتهم يعودان إليهم، حتى تلهمهم السماء حكمة تفسير الماء بالماء، ويبرروا مسارا غريبا من مسارات التحالفات في السياسة المغربية، جمعت الفائز بالخاسر في "قفة" واحدة.

وفي كل هذا المشهد السوريالي، يرفع بنكيران سقف العودة ويهدد، أقواها: العودة من القبر، لو اقتضى الحال..

 فهل سيظل صدر الدكتور منشرحا في مُقبل الأيام؟