الخبر من زاوية أخرى

اختتام الدورة.. حتى لا يتحول البرلمان إلى غرفة تسجيل

Avatarأمينة ماء العينين


عند اختتام كل دورة تتم تلاوة خطاب يستعرض الحصيلة.

الاستعراض التقليدي يركز على الأرقام والاحصائيات (عدد القوانين والمبادرات الرقابية…..).

ولا يخلو الأمر من إيجابية لكن الأهم بالنسبة إلي ظل دائما هو الحصيلة السياسية.

إلى أي حد تمكن البرلمان من خلال ممارسته لاختصاصاته وصلاحياته من ترسيخ مكانته في بناء مؤسساتي لا يمكن أن يوصف بالديمقراطي إلا إذا كان البرلمان في قلبه؟

إلى أي حد تم ترسيخ احترام شرعية التمثيل التي يتمتع بها؟

الجواب يحيل دائما على السياق السياسي والانتخابي الذي يفرز البرلمان.

ومن الطبيعي أن نسلم بمتلازمة أساسية: كلما تراجعت الديمقراطية، أفلت الأحزاب وفسدت العملية الانتخابية التي تفرز في النهاية برلمانا ضعيفا بنخب فاقدة للرهان الديمقراطي ومنقوصة الشرعية.

المحصلة هي إضعاف البرلمان وافراغ صلاحياته الدستورية من عمقها.

في المقابل، كلما حدث انفراج ديمقراطي، نتجه نحو انتخابات أكثر نزاهة وأقل زيفا وفسادا، فتلج الى البرلمان نخب حاملة لرهانات التغيير، محصنة بشرعية التمثيل، قادرة على الدفاع عن المؤسسة ورمزيتها.

واقع الحال يثبت ان البرلمان المغربي يتراوح بين هذا وذاك. يجمع المتناقضات ويعكس التردد الذي يجعل المسار الديمقراطي يتطور ثم ينتكس ثم يراوح مكانه.

يعرف دينامية ونقاشا واحتكاكا يكاد يجعله متشظيا بين رغبة الارتقاء بالوظيفة البرلمانية وقوتها الرقابية والتشريعية والتقييمية، وهو رهان تضطلع به نخبة لازالت تشكل أقلية غير مؤثرة عموما في طبيعة البنية، وبين طابع عتيق محافظ تجسده نخبة تعتبر عضوية البرلمان حسنة ومنة أو حظوة وجاها اجتماعيا أو فضاء لتصريف أوامر وتعليمات تخدم كل شيء إلا الديمقراطية والمصلحة العامة.

في الديمقراطيات الحديثة التي تحتفي بالبرلمانات ومشروعيتها، يتحدثون في توصيف فعل الرقابة البرلمانية على الجهاز التنفيذي عن مفهومl'agressivité أي "عنف الفعل الرقابي".

الترجمة في سياق مختلف قد تكون صادمة، لكن المعنى يحيل على قوة الفعل الرقابي البرلماني الذي يجعل الوزير والمسؤول العمومي يحسب ألف حساب للرقابة البرلمانية ويستعد لها بما يلزم باعتبارها لحظة محاسبة عسيرة.

يحدث عندنا أن بعض الوزراء والمسؤولين يعتبرون أنفسهم فوق المحاسبة البرلمانية ولا يحضرون، وإذا حضروا يعتبرون أنفسهم في نزهة أو قد يشعرون أنهم في موقع يؤهلهم لمحاسبة ومراقبة البرلمانيين وليس العكس.

يحدث عندنا أن تتم الاتصالات لتمرير القوانين التي يأخذ اعدادها في دهاليز الحكومة وغيرها شهورا وسنوات.

وبمجرد ما تحال هذه القوانين على البرلمان تقام الدنيا ولا تقعد لتمريرها في أيام، وصار ذلك يحدث في ساعات.

المسؤولية الأولى والأخيرة بالنسبة إلي تتحملها النخب البرلمانية التي يفترض بها الاضطلاع بأدوارها حتى لا تتحول الى مجرد أدوات تصويت عددية تافهة. فليس لذلك انتخبها الناس، وحتى لا تتحول المؤسسة التشريعية التي منحها الدستور حصريا سلطة التشريع الى مجرد غرفة لتسجيل القوانين قبل مرورها الى الجريدة الرسمية.

الصورة ليست دائما قاتمة لأن مجهودا كبيرا يبذل، وعمل جبار يقوم به المرابطون في البرلمان، وهو ما يغذي الأمل على أن المسار مهما انتكس قادر على التقدم انتصارا للوطن ولاختياره الديمقراطي الذي يحتاج الى جرعات كبيرة من الصمود والمقاومة لتكريسه.