العفو الملكي على الصحافيين.. هكذا ربح الوطن..
أعود مرة أخرى لأتحدث، ولو بعجالة، عن العفو الملكي الأخير الذي استفاد منه صحافيون ونشطاء ومدونون:
توفيق بوعشرين..
سليمان الريسوني..
عمر الراضي..
رضا الطاوجني..
المعطي منجب..
عفاف برناني..
يوسف الحيرش..
سعيدة العلمي..
هشام المنصوري وغيرهم..
بل إن هذا العفو، الذي جاء في وقته، استفاد منه حتى أعضاء من جماعة “العدل والإحسان”..
وهو ما لم يكن ربما في الحسبان خاصة أن هذه الجماعة لا تعارض الحكومة وإنما تعارض نظام الحكم في المغرب..
حصل هذا بمناسبة عيد العرش الذي تزامن هذه السنة مع مرور ربع قرن من حكم الملك محمد السادس حفظه الله..
وأعود إلى هذا الحدث ليس لأني فقط فرحت مثل طفل بالإفراج عن زملاء وأصدقاء تقاسمت معهم الجلوس، جنبا إلى جنب، في “صالات” التحرير في أكثر من مقاولة إعلامية..
والواقع أني أعود إلى هذا الموضوع لأني فوجئت، شخصيا، بهذه الفرحة “الشعبية” التي “اجتاحت” مثل “إعصار” مواقع التواصل والاجتماعي عقب نزول خبر العفو عن الصحافيين بالتحديد..
وهو أمر له رمزية خاصة حتى لا أقول شيئا آخر..
ولا أبالغ إذا قلت إن هذا العفو الملكي كان أقرب ربما إلى روح “هيئة إنصاف ومصالحة” جديدة أو قل إنه “ربيع ثان” بتعبير الزملاء في صحيفة “صوت المغرب”..
كما أني لا أخفي أني فوجئت أيضا بالموقف الذي عبرت عنه جماعة العدل والإحسان وهي ترى، غير مصدقة ربما، هذا الذي يحدث أمامها..
جرى هذا حتى أن العقل السياسي للجماعة أبى إلا أن يتفاعل “إيجابا” مع لحظة العفو قبل أن يثمن المبادرة بصريح العبارة ويرد التحية بأحسن منها “تقريبا”..
أكثر من هذا، لقد قرأت أيضا حتى تعليقات تنظر إلى نصف الكأس المملوء لمحامين وغير محامين من الجماعة نفسها وهي تشيد بمبادرة العفو في سلوك سياسي غير مسبوق ربما..
الجميل جدا في هذه الالتفاتة الملكية النبيلة هو أنها مبادرة نبيلة من ملك نبيل اختار أن يخص بعض مواطنيه بهذا العفو الإنساني لأسباب لا أحد يعلمها إلا هو..
وعندما يتكلم الملك، فعلى الملكيين بصفة خاصة أن يستمعوا له..
وأقول هذا لأن الدولة، حسب علمي، لم تطلب ربما من المفرج عنهم من الصحافيين أي شيء..
لم تطلب منهم أن يغيروا خطوطهم في التحرير ولم تطلب منهم أن يطبلوا للدولة ولم تطلب منهم أن يقولوا شعرا في الدولة..
كما أن الدولة تعاملت، ربما بسمو، حتى مع بعض الذين رفضوا تقديم طلب العفو..
طبعا لن أدخل في التفاصيل طالما أن الجميع استحصر عنصر الثقة وأبدى حسن النية حتى أن هناك من المفرج عنهم من بعث برسالة تعزية إلى ملك البلاد عقب وفاة والدته رحمها الله تعبيرا عن هذه النية الحسنة..
وليس هذا فحسب، فحتى بعض الذين يشتغلون بالقرب من الملك تعاملو ربما “بحس حقوقي” عال لينتصر الوطن في نهاية المطاف..
وأنا أختلف هنا مع بعض الأصدقاء الأعزاء لأن العفو في بلد عريق مثل المغرب هو ربما شرف، في المقام الأول، للذي يطلبه وليس للذي يرفضه..
لكن ماذا يعني هذا كله؟
هذا معناه أن العفو الملكي الأخير، حتى وإن استثنى معتقلي الريف لأسباب قد أعود إليها في سياق آخر، إلا أنه طوى صفحة وفتح أخرى..
وهذا هو الأهم..
أما الأفق والأمل والطموح وهو أن تكون هذه الصفحة الجديدة عنوان مغرب جديد لا يضيق بأبنائه مهما تعددت مرجعياتهم وآراؤهم..
بقي فقط أن أقول:
هنيئا لكل المفرج عنهم.. وهنيئا لزملائي في هذه المهنة توفيق، سليمان، عمر الراضي..
وشكرا لجلالته مرة أخرى..
..
مصطفى الفن