الخبر من زاوية أخرى

هكذا تحولت المحاماة الى مهنة من لا مهنة له

هكذا تحولت المحاماة الى مهنة من لا مهنة له
مصطفى الفنمصطفى الفن

تعيش مهنة المحاماة حاليا أسوأ أيامها وربما أسوأ سنواتها..

يقع هذا ليس فقط بسبب “إغراق” المهنة بأعداد كبيرة وجيش “عرمرم” من العاطلين وبكل من “هب ودب” حتى أنها ما عادت تتسع حتى لأهلها الأصليين..

ويقع هذا ليس فقط لأن مهنة المحاماة أصبحت مهنة من لا مهنة له..

والواقع أن ما يقع لمهنة المحاماة يبدو كما لو أنه “مخطط” دبر بليل لكي تقطع هذه المهنة مع مرجعيتها التأسيسية ومع ماضيها المشرق..

لماذا؟

لأن هذه المهنة، التي كانت من قبل، بمثابة “محراب صلاة”..

وكانت ملاذا للخائفين والمظلومين من الناس أجمعين..

وكانت مهنة المعارضين والمزعجين والغاضبين والحالمين بمغرب لا يظلم فيه أحد..

هذه المهنة أصبحت اليوم مجرد “سوق” يخضع هو بدوره لمنطق العرض والطلب كما لو أننا في “رحبة” لبيع الحبوب..

ويكفي أن نذكر اليوم أن هناك أربعة محامين اعتقلوا دفعة واحدة ليس بسبب دفاعهم عن حرية الرأي والتعبير..

لا..

هؤلاء المحامون الأربعة، ضمنهم اثنان من حزب الاستقلال، اعتقلوا في قضايا لها صلة بالسمسرة وبأفعال مشينة تمس بالشرف والوقار..

وقع هذا الذي وقع في وقت كان الشرف والوقار هو الرأسمال الأول للمحامي عندما كان المحامي بوضع اعتباري خاص….

أما واحد من هؤلاء المحامين المعتقلين فهو عضو مجلس أكبر هيئة بالمغرب وقد كاد أن يصبح نقيبها في استحقاقين انتخابيين..

ولم تقف الأمور عند الحد، ذلك أن هناك أنباء تتحدث حتى عن فرضية اعتقال دفعة أخرى من المحامين بينهم نقيب سابق إذا ما صح هذا الذي يتردد داخل بعض الصالونات المغلقة..

لكن وعوض أن يثير هذا الوضع، الذي لا يسر صديقا ولا عدوا، حالة طورائ قصوى لإنقاذ المهنة وإنقاذ ما يمكن إنقاذه فإن العكس هو الذي حصل..

ذلك أننا سمعنا أنباء تتحدث ليس فقط عن “حملات سرية” للتضامن مع المشتبه فيهم..

لقد سمعنا أيضا حتى عن استعدادات “جدية” لتقديم “استقالات جماعية” من الهيئة نفسها إذا لم يتم الإفراج عن هؤلاء المشتبه فيهم..

شخصيا لا يمكن لي إلا أن أكون مع المتابعة في حالة سراح لأن الحرية هي الأصل ولأن الاعتقال هو تدبير أستثنائي..

لكن كم وددت لو دافع أهل “الحل والعقد” داخل هذا الجسم غير العادي عن المحاكمة العادلة وعما هو أهم من ذلك كله وهو تطهير الجسم أولا من هذه “الأدران” التي أحاطت به من كل جانب..

أكثر من هذا، فحتى مستقبل المهنة يبدو أكثر “ضبابية” ولا شيء يلوح في الأفق على أن الآتي أجمل..

ولعل “البروفيلات” المتنافسة على رئاسة هيئة العاصمة الاقتصادية للبلد تقول كل شيء عن حاضر مهنة وعن محامين بلا مكاتب وعن نقباء بلا حصيلة وعن نقباء “أثرياء” دون أن يترافعوا في أي ملف..