حكيم عنكر يضرب “الخط الزناتي” لحكومة العثماني
هناك من ناصب العداء حكومة العثماني، منذ أول يوم لنشأتها.
قيل إنها ولدت مرتبطة بخطيئة النشأة، وإن مجيئها كان بعد خروج "درامي" لرئيس سابق مجروح لم يحظ بالوداع اللائق، فجاء صحبه سراعاً كي يلتقطوا الوزارة قبل أن تهرب من بين أيديهم.
لم يكن الوقت يسمح بالتفكير، ولا حلّ مبتكراً من "خليفة" سياسي له قدرة عيني زرقاء اليمامة على استجلاب الآفاق واستحلاب ما تشي به رعودها وبروقها.
جاء الصحب واستلموا الحقيبة، واستلموا معها لائحة الشروط.
وفي فيلة الرئيس المستغنى عنه، كان هناك حزن. فبعد جولة مفاوضات دونكيشوطية، لم يستطع بنكيران تأليف توافقه السياسي.
ولم تسعفه قراءته للمشهد ولا خطابته في استباق الضربة.
ظل ساكناً في مكانه وفي شروطه ينتظر قدرا ما، وكأن جلموداً تنزّل على عقله، وهذا ما حصل.
سيكتب كثيرون في تقييم ما حصل. إن فشل الاستيلاد الثاني لنفس حزب العدالة والتنمية بالحفاظ على قاطرة الجر التي يمثلها بنكيران، هو دليل على وجه من أوجه القصور في تجربة الحزب الإسلامي في الحفاظ على زعيمه.
فالسياسة لا يصنعها الشارع ولا رجالات الصف الثاني، ولكن يسوي، طبختها المعلومة، رجل واحد لا أيدٍ كثيرة، وإلا "بازت" الطبخة. وقد كان بنكيران، ذاك الرجل.
الكلام عن بنكيران بصيغة الماضي لا ينفي حضور سعد الدين العثماني.
لقد تلقى العثماتي ضربات قوية منذ اليوم الأول لتنصيبه وداهمه اللغط من العارفين و"الحياحين"، وتلقى المساعدة أيضاً.
فكت العقد، وشكل حكومته سريعا، وبدأ العمل، ثم بوغت ببلوكاج ثان.. لا زال يسعى لسد مفاعيله، وسيكون سيناريو وقائعه مشوقاً مع 2018.
من الأكثر قوة، بنكيران أم العثماني؟ من الأفضل، الحركي أم الداعية؟ من الأدهى، السياسي أم الطبيب؟
هذه بعض أسئلة يطرحها العالمون بالخفايا ويمضعها رجل الشارع العادي.
ولو طلب مني أن أدلو "بدلوي"، لقلت إنه مع البراعة المحسومة التي يتحلى بها بنكيران، فإن العثماني أدهى الدهاة في حزب العدالة والتنمية وأشدهم حصافة وبعد نظر، وأكثرهم مخاطرة في قبول حتى "العروض المسمومة".
وهو سيمضي في ذلك، بلا تراجع، كأسلوب سياسي مغربي صرف في إدارة موازين القوى، وعينه في المبتدأ والمنتهى على حزبه ومصلحته في انتظار اللحظة المناسبة.
ومن يدري، فالسياسة "خط زناتي" وكهانة أيضاً، وربما "سيكولوجيا" مهمتها فك العقد أولا، حتى تستقيم الحوارات وتشفى "العفاريت".